جولة الصحافة

رئيس الموساد السابق: “إسرائيل” قررت تفعيل آلية تدمير ذاتي لنفسها

أجرت الصحفية ايلانا ديان في برنامجها الاسبوعي “عوفده” في القناة ١٢ الإسرائيلية مقابلة مع رئيس الموساد الأسبق تامير بادور تمركزت حول تداعيات الإصلاحات القضائية على جيش الاحتلال وتنامي ظاهرة الدعوة لرفض الخدمة.

تامير باردو، الذي شغل لسنوات منصب رئيس الموساد في عهد بنيامين نتنياهو، يقف أمام الكاميرا ليقول إن هناك تنازلات لم يعد من الممكن أن تحدث، وأن رئيس الوزراء لم يعد يسيطر على الوضع – وخاصة أنه يخشى من نقطة اللاعودة: “إذا كان على رئيس الموساد أن يقرر ما إذا كان يطيع رئيس الوزراء أو القانون، في رأيي يجب أن يطيع القانون، لكن هذه معضلة خطيرة”.

س: أخبرني، هل تستطيع أن تصيغ لي بجملتين حسب وجهة نظرك ما يحدث هنا؟ وما الذي يحدث؟

ج: كارثة، بكلمة واحدة، كارثة.

س: أتقصد أن الكارثة حدثت بالفعل أو قد تحدث؟

ج: الكارثة تحدث، الكارثة تتشكل. هذا الشهر أصبح عمري سبعين عامًا، ولو قال لي أحدهم قبل عام أو عامين أو ثلاثة إن هذه ستكون صورة الدولة اليوم، لقلت له إنه واهم، وأن دولة إسرائيل لن تصل أبدًا إلى هذه النقطة. هذا مستحيل، لا يمكن أن يحدث لنا هذا. وهنا نصل إلى أكبر خطر وجودي واجهناه منذ حرب الاستقلال.

س: الأعداء ليسوا على الحدود، والإيرانيون لم يلقوا قنبلة بعد….

ج: لأجل تدمير دولة وتفكيكها لا تحتاج إلى الإيرانيين، من الممكن القيام بذلك بمهارة عالية لوحدك.

س: أنت أكثر شخص تعرف كيف ينظر إلينا من قبل استخباراتهم، هل بإمكانك تخيُّل استخبارات الحرس الثوري، وغرف العمليات اليوم بطهران، ماذا يرون هناك وماذا يقولون ؟

ج: أنا أقول لك ماذا كان سيحدث لو كنتُ أرى دولة أعتبرها بنظري عدو عندما تمر بما نمر به الآن. كنت سآتي إلى رئيس الحكومة وأقول له “اسمع، لست بحاجة لأي ميزانيات للتعاطي مع هذه الدولة، لأن هذه الدولة قررت تفعيل آلية تدمير ذاتي لنفسها”.

س: هل من الممكن محوها من قائمة الأهداف؟

ج: تمامًا هكذا، لم تعد تثير الاهتمام، إنها دولة في حالة تفكك، لا ينبغي بذل الجهد تجاهها.

س: وما تفعله الاستخبارات الإيرانية تقوم به ال CIA، وتعرض صورة الوضع لرئيس الولايات المتحدة؟

ج: لا أشك بذلك، يقومون بذلك في طهران، لبنان، حزب الله، حماس، واشنطن، عُمان، السعودية والإمارات، يقومون بذلك في كل مكان.

س: ما الذي يجعلك تتحدث بمصطلحات نهاية العالم، لم أسمعك من قبل تتحدث هكذا؟ ما الذي يجعلك تعيش بهكذا رعب؟

ج: أن تقوم بإلغاء تفوق السلطة القضائية واستقلالها وتحويلها عمليًّا إلى النمط الهنغاري_بولندي، بحيث تستحوذ الحكومة على السلطات الثلاث، إضافة لتمزيق وثيقة الاستقلال إلى أجزاء، تكون حينها قد هربت الخيول من إصطبلها واحترق الإصطبل، هذا ما حدث… الجمهور الذي خرج وقال “إلى هنا”.. كانت هناك وثيقة استقلال، شخص مزقها إربًا ويريد بناء شيء آخر، قاعدة توافق مختلفة لا تتماشى معنا.

س: لكن ما تقوله لي هو أنه حتى لو جاء هرتسوغ ونتنياهو وياريف ليفين وبيني غانتس ويائير لابيد وقالوا: “لقد وقعنا على مخطط، تمكّن الرئيس أو أي شخص آخر من التوصل إلى نوع من التسوية”، هل هذا أصبح متأخرًا كثيرًا بالنسبة للجمهور الذي يخرج الى الشوارع كل يوم سبت؟

ج: إن كان في الأسابيع الأولى من الممكن التفكير بإمكانية التوصل لتسوية، فإن قوة الاحتجاجات في الخارج باتت تقول أنه يجب معالجة القضايا الجوهرية، كعلاقة الدين بالدولة وقضية الضفة الغربية.

س: لكن هذا ربما يشكل إثباتًا لصحة ادعاء اليمين بأن خروج الجمهور إلى الشارع ليس بسبب الإصلاحات القضائية وإنما لأنه يريد دولة أخرى ونظامًا آخرًا، لأنه خسر الحكم ولا يسلم بذلك.

ج: لا، ليس كذلك نهائيًا، إن كنت تتذكرين، بعد أداء الحكومة القسم بيوم، قال رئيس الحكومة نتنياهو: هذا سلم أولويات حكومتي الجديدة..  الأولوية الأولى معالجة الملف الإيراني، الأولوية الثانية معالجة غلاء المعيشة والبناء، الأولوية الثالثة توسعة اتفاقيات أبراهام واتفاقيات السلام. ومنذ ذلك الوقت كل ما نسمعه هو عن الثورة (الإصلاحات) القضائية. لم نعد نسمع أي شيء عن إيران، أو عن اتفاقات سلام، نحن نتحدث فقط عن الثورة القضائية.

س: أنت من الجيل الذي قاتل في حرب الغفران (1973)..

ج: صحيح

س: كنتٓ جنديًا نظاميًا ؟

ج: نعم، كنت جنديًا نظاميًا، حتى أنني لم أكن وقتها ضابطاً، كان الشعور في الأيام الأولى لحرب يوم الغفران هو أن القيادة السياسية لم تفِ بمسؤوليتها عن دولة إسرائيل وأوصلتها إلى حافة الانهيار. اليوم الشعور أسوأ بكثير، لأنني أشعر أن الحكومة لا تسمع الجمهور. إنها لا تسمعنا. رئيس الوزراء لم يعد يسمع، لم يعد يسمع لفترة طويلة. إنه لا يتحدث إلينا ولا يسمعنا، ولسوء الحظ، جرّ معه حكومة بأكملها”.

س: أنت خدمت طيلة فترتك رئيسًا للموساد تحت إمرته (نتنياهو)، أليس كذلك؟

ج: نعم صحيح

س: هو الذي قام بتعيينك؟

ج: صحيح

س: أنت تعرفه منذ أكثر من خمسة وأربعين عاماً، كنت إلى جانب شقيقه يوني عندما قُتل في أنتيبه، هل عرفته (نتنياهو) شخصا آخرًا؟

ج: نعم صحيح

س: وشخصت الوضع جيدا

ج: نعم، كان ذلك في انتخابات 2015

س: كنت وقتها لا تزال رئيسًا للموساد..

ج: صحيح

س: وماذا حدث حينها؟

ج: في انتخابات 2015 لم يفوز الحزب وإنما هو فاز شخصيًا، الشعور الذي منحنا اياه في اليوم الذي تلا الانتخابات “أنا فزت”، “أنا هزمتُ الجميع” وهذا منحهُ كما يبدو شعورًا لا نهائيًا من القوة.

س: هل شعرت شيء من هذا على مستوى العلاقة بينكما؟

ج: نعم، شعرتُ أنه انسانًا آخرًا، أن آتي وأقول أنه كان بإمكاني التنبؤ إلى أي مدى سيصل الأمر بعد عدة سنوات. الجواب كلا.

س: لو أتيح لك بأن تدخل إلى مكتبه اليوم، ماذا كنت ستقول له؟

ج: هو لن يدعوني إليه، لا يريد أن يستمع.

س: هل توقع، برأيك، قوة المعارضة لتلك الإصلاحات؟

ج: لا أعتقد ذلك، أعتقد أنه كان متأكدًا أن الأمر سيمر بأكثر سلاسة.

س: هل يجيد إعادة مراجعة الأمر؟

ج: لا

س: هل هذا يعني أنك لا ترى الآن نتنياهو يريد، أو يستطيع أو يتمهل في مضيه بهذا الطريق…

ج: برأيي، أولاً هو لا يريد، ثانيًا هو أيضًا لا يستطيع، لأن ما أفرزته الانتخابات الأخيرة وما سبقها من انتخابات، هو تشكل تكتل، تكتل يضم وزير العدل يريف لفين وروتمان الذين لديهما حلمًا بشأن نظام حكم تُدار فيه الديمقراطية بشكل مختلف، فبالنسبة لهم إما أسود أو أبيض. لهذا السبب أنا لا أرى امكانية لتغيير جوهري، فهما ينظران إلى الأمور “إما أن تقبل الرزمة بكاملها أو أن تتركها”، ليس لديها استعدادًا لتوافقات وحلول وسط.

والتكتل الثاني يضم رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الصحة سابقاً أرييه درعي، كل واحد منهما ولأسبابه الشخصية، لديه مصلحة واضحة جدًا ومعني بأن تكون المنظومة القضائية مختلفة كليًا عما عليه الحال حاليًا، بهدف أن احدهما (درعي) يستطيع العودة لشغل منصب وزير، والثاني (نتنياهو) يصبح بمقدوره التملص من رعب المثول للمحاكمة مستقبلًا.

والتكتل الثالث هو تكتل ايتمار بن غفير والذي هو بنظري أخطر تكتل على دولة إسرائيل. لأن مصلحة الصهيونية الدينية وحزب قوة يهودية هو في اقامة دولة دينية، دولة فصل عنصري، وبالنسبة لهم فإن التغييرات القانونية ستسمح لهم بفعل ما يريدونه، لأنه لن يعد بمقدور المحكمة العليا منع ذلك.

والتكتل الرابع هم المتدينون المتزمتون (الحريديم) والتي تشكل المحكمة العليا بالنسبة لهم تهديدًا وجوديًا.

س: في التكلات الاربعة التي وصفتها، هم فازوا في الانتخابات وأنت خسرت..

ج: لا يحق لهم تغيير النظام السياسي لدولة إسرائيل. وبالمناسبة، في نهاية المطاف، الذي سيدفع الثمن الأكبر مع مرور الزمن هم أولئك الذين صوتوا لصالح تلك التكتلات الأربعة.

س:  من تقصد؟

ج: سكان الضواحي، الطبقات الفقيرة بدولة إسرائيل هم من سيدفع الثمن. لأن هذه الدولة ستتحول إلى دولة فقيرة، من دولة انتاجها القومي للفرد 52 ألف دولار، وهذا شيء استثنائي ومعجزة، سنصبح كإحدى دول أفريقيا، ومن يعاني في أوضاع كهذه ليسوا الأغنياء.

س: سيقولون لك أن المنظومة القضائية هي السبب بفقدان الثقة بها، ومن بين الأسباب أن القضاة يشبهون المتظاهرين، ويبدون يشبهون من يوقعون على عرائض رفض الخدمة العسكرية، ويشبهون الشخص الجالس أمامي الآن، الهيمنة، النخبة، الذي يختلف عن الذين انتخبوا هذه الحكومة…

ج: أي نخبة وهيمنة! عليّ أنا أقول، عن أي نخبة تتحدث؟! هل أنتمي برأيك إلى نخبة مهيمنة ؟!

مجرية المقابلة: نعم بالتأكيد.

س: ألا تشعر أنك تنتمي إلى نخبة؟

ج: بالمطلق لا

س: أنك ولدت في إسرائيل المتميزة ؟

ج: أي امتيازات! أي امتيازات حصلت عليها؟!

س: الدولة هاجت وماجت هذا الأسبوع عقب اعلان طيارين في أهم سرب بسلاح الجو، سرب 69، عدم حضورهم التدريبات، حاليًا أعلنوا أنهم سيحضرون وسيتحدثون إلى قادتهم، كيف تنظر إلى اعلانهم (عدم حضور التدريبات)؟

ج: اعلانهم لا يمثل رفضًا للخدمة العسكرية، كل ما فعلوه أنهم رفعوا الراية الصفراء، إن أصبحت هذه الدولة غير ديمقراطية، سنراجع حساباتنا.

مجرية المقابلة: ألا يعتبر هذا بداية لتجاوز الحدود، أنا أسألك أليس هذا حدا خطيرًا؟

ج: أين ولدتِ؟

مجرية المقابلة: في الأرجنتين

ج: هذا يعني أنه في لحظة تحول دولتك من ديمقراطية إلى دكتاتورية، فاشية أو شيء من هذا القبيل، أنت تقولين لنفسك “يجب الاستمرار والقيام بجميع واجباتي تجاه الدولة بغض النظر عن طبيعة النظام القائم؟!”

س: لكنك تدرك أن قرار متى تتحول الدولة من ديمقراطية إلى دكتاتورية مرتبط بوجهة نظر الشخص الرائي، وتدرك أن الاشخاص الذين يديرون اليوم الدولة يجدون أنفسهم أمام طيار يقول “من الممكن أن ينشأ هنا نظام حكم لا أرغب بالخدمة العسكرية في ظله”..

ج: لدى الدولة غير الديمقراطية علامات، واحدى هذه العلامات أن تتحول المنظومة القضائية إلى سياسية، هم (الطيارين) في نهاية الأمر رفعوا راية وقالوا “حكومتنا العزيزة، الكنيست العزيز، انتبهوا إلى أين أنتم ذاهبون، توقفوا من فضلكم، أنتم تقودوننا إلى جهنم”.

مجرية المقابلة تلفت الانتباه أنه وخلال المقابلة تسلمت خبرًا عبر هاتفها النقال يفيد بتوقيع عريضة أخرى من ضباط موساد سابقون، إضافة للمئات الذين وقعوا الاسبوع الماضي عريضة مماثلة مطالبين بوقف الإصلاحات القضائية.

س: هل عرفت أن هذه الخطوة ستحدث؟

نعم، لقد عرفت مسبقًا، لكنني لم أعلم بأن هذا قد يحدث في هذا الوقت.

س: هم (رجال الموساد) يوجهون هذا النداء إلى الشخص الذي يدير جهازهم (رئيس الحكومة) بقولهم “سيدي رئيس الحكومة، أنت من القلائل الذين يعرفوننا جيدًا، خدمنا بسرية تحت قيادتك سنوات طوال في أخطر وأعقد العمليات، نحن على بعد خطوة واحدة من أزمة ثقة كاملة وحرب أهلية، كل هذا خلال ولايتك، زملاؤنا الذين يحملون العبء سيبدأون بالتشكيك في عدالة طريقنا وبالمهام الملقاة علينا.”

ج: واضح وبسيط

س: ماذا كان رأيك بشأن قرار دادي برنيع السماح لرجال الموساد بالتظاهر، دون ارتداء زي الموساد بالطبع؟

ج: أعتقد أن دادي اتخذ قرارًا شجاعًا جدًا في وضع مستحيل. أعتقد جازمًا أنه احتار وتردد كثيرًا، لأنه يجب أن نتذكر أنه وفي نهاية الأمر الموساد يخضع مباشرة لرئيس الحكومة. رئيس الموساد عالق داخل وضع مستحيل، وكذلك الأمر ينسحب على قائد اركان الجيش، هو لا يستطيع التحدث، ولا يستطيع الصمت، يجب عليه مواصلة الخدمة وأداء مهامه، يجب عليه استلام الراية وإقرار عمليات عسكرية وهو يرى كل شيء ماثلًا أمام عينيه.

س: لكن ربما بالذات بسبب المسؤولية، رئيس الموساد، على سبيل المثال بعد عريضة كهذه، يجب عليه الذهاب لرئيس الحكومة وأن يقول له “اسمع، لست أعرف ما قد يحدث داخل الجهاز لأن الأحداث _ضجة الإصلاحات_ تثير حراك ..

ج: هو لا يستمع، لم يعد يستمع منذ زمن طويل، منذ زمن طويل جدًا لم يعد يستمع، لو كان يستمع لما سمح بهذا أن يحدث منذ اليوم الأول. هو دفع الأمور بهذا الاتجاه. لم يدرك، برأيي، مدى خطورة ما يقوم به على مستقبل الدولة.

س: الآن هل تعتقد أنه يسيطر على الوضع أم أن الوضع يسيطر عليه؟

ج: الوضع يسيطر عليه.

س: هل تتخيل وضعًا يأتي فيه ضابط عمليات في الموساد ويقول”إلى هنا، لن أنفذ عملية في هكذا وضع”؟

ج: كلي أمل ألا نصل إلى هذه الزاوية.

س: وماذا كنت ستفعل لو كنت رئيسًا للموساد إن كنت تواجه حيرة كهذه؟

ج: لحظي السعيد لست رئيسًا للموساد، حظي السعيد أنني لست قائدًا للأركان، أنني لست مضطرًا لاتخاذ قرارات من هذا النوع، لأنني حتى لا أعرف ما هو القرار الصحيح. من الواضح لي انه في وضع  معين مربك يجب أن أسأل نفسي، اذا ما حددت المحكمة أمرًا وقررت الحكومة أمرًا آخرًا، لمن سأمتثل؟!

س: هذا وضع ليس بعيدًا أو خيالًا.

ج: نعم بالفعل.

س: ان حدث هذا، ان ذهبوا في هذا التشريع حتى النهاية ورفضته المحكمة العليا كليا، حينها رئيس الموساد الخاضع مباشرة لرئيس الحكومة سيضطر أن يقرر إن كان سيمتثل لقائده المباشر أم للقانون، ماذا سيفعل حينها؟

ج: برأيي، يجب أن يمتثل للقانون، لكنها حيرة فظيعة، يحظر على الحكومة القائها في حجر المستوى العملياتي الميداني. مسؤوليته عدم القائها هناك مثلما اقول في المظاهرات.

حيث يوجد في المظاهرات 150 _ 160 ألف متظاهر، لا زعيم لهم ولا راعي، ومن يمسك الوسائل لتفريق المظاهرات والسلاح الناري هم أفراد الشرطة.

س: تقصد أن المسؤولية ملقاة على الشرطة ؟

ج: نعم المسؤولية عليها، لأنه في لحظة خروج الجماهير إلى الشوراع وعلى وشك أن يغلقوها، يجب أن يفكر وقتها الضابط المسؤول ما المغزى عند الوصول إلى حالة صدام والتي قد تؤدي إلى سفك دماء، باسم فرض القانون والحفاظ على النظام العام.

س: والمقصود أن رئيس الحكومة هو الشخص الذي يتوجب عليه انزال المكابح؟

ج: بالتأكيد، وربما يقول الضابط الميداني المسؤول “اتعلمون، ليغلقوا الشارع لثلاث ساعات، انه شريان رئيسي وليغضب السائقون، أفضل من اراقة الدماء”.

القوة والمسؤولية جميعها بيد السلطة، هذا يعني ان حدث شيء أو حدثت كارثة فسيلقى الأمر على رؤوس قادة الدولة الذين يكوّنون حكومة إسرائيل اليوم.

س: هذا الاسبوع قال قائد سابق لوحدة نخبة في الاستخبارات لعاموس هرئيل “لو حلل نتنياهو الوضع، فسيفهم أن قائد الأركان ورئيسي الشاباك والموساد لا خيار أمامهم، ان تفاقمت الأزمة التشريعية سيتوجب عليهم الوقوف الى جانب المحكمة العليا في مواجهتها مع الحكومة، وإلا، وهذه هي النقطة اللافتة للانتباه، النواة الصلبة لأجهزتهم (الجيش، الشاباك والموساد) ستواصل التفكك بسرعة”. هل ترى امكانية حدوث هذا؟

ج: نعم، نعم بالتأكيد

س: أنت تعلم، نحن نتحدث عن هذا الأمر كخطر، كشيء مستقبلي..

ج: نعم، نعم

س: أن تتفكك تلك الاجهزة أمام أعيننا؟

ج: انظري، أفترض أن يحدث ويصبح أكثر صعوبة تجنيد أشخاص لتلك الاجهزة في أوضاع من هذا القبيل

س: هل ترى إمكانية حدوث هذا الأمر في الجيش، انهيار جيش الشعب؟

ج: نعم، أخشى ذلك، من المحظور حدوث هذا، لان الجيش اذا ما انهار حينها لن تكون لنا دولة. بصورة قاطعة.

أعتقد أن حدث قرية حوارة، هو ما دفع بجزء كبير من الاحتياط والطيارين إبداء موقفهم بعدم المثول للخدمة العسكرية.

س: بالرغم انه ظاهريًا لا يوجد رابط، ما حدث في حوارة مرفوض بغض النظر ان كان يوجد إصلاحات قضائية ام لا….

ج: لكن عندما تسمعين أعضاء كبار جدًا في الائتلاف الحكومي، وعندما تسمعين وزراء، ليس وزير أو اثنان، تسمعين صمتهم المطبق..

كان من المفترض أن يقفوا ويصرخوا بإقالة وزير يتفوه بما تفوه به سموتريتش عندما قال “يجب محو قرية حوارة”، مفترض القول لا مكان لي في هذه الحكومة، ولا يهمني ان كان أخطأ، لأنه من الواضح أنه فكر قبل إطلاق هذا التصريح.

س: هو قال أنه اختار الكلمة غير الصحيحة…

ج: اختار، جيد، لكنه هو قال قناعته، لم يكن سياسيًا دبلوماسيًا، لكنه قال قناعته، وأنا كرجل سبعيني رأيت حوارة في تلك الليلة تشتعل بالسنة اللهب، واليهود يصلون صلاة المساء بتلك اللحظة، وحينها انت تقف وتسال نفسك، لحظة، انا جندي في الجيش، انا ضابط وانا جزء من هذا الجهاز، اذًا عمليًا يوجد شرعية بمحو حوارة لاحقًا؟

هذا الوضع يقحم الجنود في حيرة عصيبة جدًا لأنهم سيفهمون أن هذه هي سياسة الحكومة.

س: في حال تمرير هذه الاصلاحات، كيف سيكون النظام في اسرائيل؟

ج: أعتقد أنه في حال تم تمريرها فمع مرور الزمن سنصل إلى هناك.

س: هل تقييم مستنير كيف ستنتهي الأمور؟

ج: لا

س: لا فكرة لديك؟

ج: الأحاسيس ليست جيدة، وهذا ما يجعل الامر حزين جدًا، في لحظة اقرار مشروعات القوانين تلك (الإصلاحات القضائية) بالقراءة الثانية والثالثة، سنصل، كما يقولون، إلى نقطة اللعودة.

س: ماذا تقصد؟

ج: القوانين لا تلغى، فالحكومة التي تسن قوانين تغير الوضع القائم لمنظومة القضاء، لن تتراجع في اليوم التالي وتقول “آسفين، لقد أخطأنا”.

ونتيجة لذلك، أقول نحن في قفزة حرة، أنظر اليوم إلى أحفادي، في أي دولة أريد لهم العيش، لم يخطر ببالي في السابق أن أتساءل هذا السؤال، بالنسبة لي لا يوجد مكان آخر لأذهب إليه، أولادي الاثنان يعيشون هنا في البلاد، هنا مكانهما، وهنا مكان أحفادي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى